هل الالتفات في الصلاة يبطلها؟ سؤال يطرحه الكثير من المصلين وخاصة ممن يعانون من الوسواس في الصلاة،
لذا قررنا أن نخصص هذا المقال لنوضح لكم آراء دار الافتاء المصرية حول الالتفات المنهي عنه في الصلاة.
الالتفات المنهي عنه في الصلاة
- أوضح لنا أهل العلم أن الفقهاء قد اتفقوا على أن استقبال القبلة من شروط صحة ولا تصح الصلاة إلا به،
وقد استدلوا في هذا الرأى على قوله تعالى:«وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» (البقرة: 144). - كما أوضح الفقهاء أن الالتفات في الصلاة أنواع، منها: الالتفات بالصدر فيحول صدره عن جهة القبلة،
فهذا الالتفات يبطل الصلاة، لأن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة. - أما النوع الثاني فيكون الالتفات فيه بالرأس أو بالعين فقط، مع بقاء البدن مستقبلًا القبلة،
فهذا الالتفات مكروه، إلا إذا فعله المسلم لحاجته إلى ذلك، أما إذا فعله من غير حاجة فقد نقص ثواب صلاته،
وبالرغم من ذلك فصلاته صحيحة ولا تبطل، والله أعلم.
حديث النهي عن الالتفات في الصلاة
- جاء في “الموسوعة الفقهية” (27 /109): “لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَرَاهَةِ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الاِلْتِفَاتِ فِي الصَّلاَةِ؟ فَقَال: «هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ» رواه البخاري (751). وَالْكَرَاهَةُ مُقَيَّدَةٌ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ أَوِ الْعُذْرِ، أَمَّا إِنْ كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ: كَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ لَمْ يُكْرَهْ”.
- وبناء على هذا الحديث فقد رأى الفقهاء أن الالتفات في الصلاة أمر مكروه وينقص ثوابها، ولكن ذلك لا يوجب إعادة الصلاة.
- هذا وقد أوضح أهل العلم أيضًا أن هناك أحاديث أخرى تفيد بجواز الالتفات إذا دعت إليه الحاجة، ولا يبطل الصلاة،
مثل الأحاديث التالية: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: «اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا، فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُودًا» رواه مسلم. - كما روى أبو داود عَنْ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ رضي الله عنه قَالَ: «ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ – يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ – فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ»، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إِلَى الشِّعْبِ مِنْ اللَّيْلِ يَحْرُسُ.
الالتفات فِي الصلاة سهوا
- صرحت دار الافتاء المصرية أن هناك أشياء مكروه فعلها أثناء الصلاة ولكنها لا تبطلها،
ومن يفعلها ينقص من ثواب صلاته ولكن لا يجب عليه إعادتها ويعد الالتفات في الصلاة واحدًا من تلك الأشياء. - كما أوضحت دار الإفتاء أن الالتفات إذا كان سهوًا لا شيء فيه؛ فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ عنِ الْإِلْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «اخْتِلَاسَةٌ يَخْتَلِسُهَا الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف».
- أما إذا كان الالتفات عن عمد دون حاجة ضرورية فيعتبر ذلك مكروهًا طالما لم يتحول بجزء من بدنه عن القبلة، و
هذا سواء كان المصلي إمامًا أو مأمومًا أو فذًّا.
الالتفات في الصلاة عند المالكية
- أوضح أهل العلم أن الفقهاء قد اختلفوا في حد الالتفات المكروه.
- فقد رأى المالكية والحنابلة أن الالتفات مكروه بجميع صوره ولو بجميع جسده، ولا يبطل الصلاة ما بقيت رجلاه للقبلة.
- أما الحنفية فقد ذهبوا إلى أن الالتفات بالوجه كله أو بعضه مكروه تحريمًا، وبالبصر من غير تحويل الوجه مكروه تنزيهًا.
- بينما رأى الشافعية الالتفات بالوجه به حرمة، أما اللمح بالعين فلا بأس به، أما المالكية والحنابلة فيجوز الالتفات بالوجه إذا كان لحاجة أو ضرورة.